تقف مدينة السلط الأردنية كشاهد على التاريخ العريق والثقافة الغنية التي تميز الأردن. ومن بين أزقتها ومبانيها التاريخية، تبرز عائلة قموه كواحدة من العائلات الأردنية العريقة التي لعبت دورًا مهمًا في تاريخ وثقافة المنطقة. عند الحديث عن العائلات التي لها جذور تاريخية عميقة في الأردن، لا يمكن تجاهل عائلة قموه. تعد هذه العائلة واحدة من الأسر البارزة التي أسهمت بشكل كبير في تاريخ وتطور الأردن، خصوصًا في مدينة السلط، حيث تتركز أصولها.
تاريخنا
تعد عشيرة آل قمُّوه من العشائر المسيحية البارزة في الأردن، والتي تتمتع بتاريخ غني ومتشابك مع نسيج المجتمع الأردني. يسلط هذا المقال الضوء على مسيرة هذه العشيرة، مستندًا إلى مراجع تاريخية وأدبية متنوعة.
التاريخ والأصول:
تعود جذور عائلة آل قموه إلى عبد ربّه وابنه عبد النور، اللذين أقاما في منطقة دير الفحيص الأثرية حوالي عام 1730، ومنهما تفرعت العائلة التي استقرت فيما بعد في مدينة السلط. ومن أبرز فروع العائلة، فرع إبراهيم بن عبد النور الذي انتقل إلى فلسطين، حيث أقام بدايةً في عين كارم ثم الناصرة، ومن نسله اليوم عائلات معروفة هي آل الحاج وآل مسمار وآل شلوفة وآل جديانه، وجميعهم من سكان فلسطين حالياً. كما برز من العائلة فرع آخر، وهو فرع عدوان بن عبد النور، الذي نزح إلى عجلون واستقر فيها، ومن ذريته العائلات الربضية في جبل عجلون مثل السلمان وحرب وعريفج وبنو خضر وبنو سالم والنوافلة والجبابرة.
قام بإعداد هذه المعلومات وتوثيقها وتحقيقها الأستاذ عواد عوده أيوب قموه اعتباراً من عام 1945، معتمداً على مصادر تاريخية موثوقة، من أبرزها:
-
كتاب تاريخ الناصرة للقس أسعد منصور الصادر عام 1850.
-
كتاب تاريخ الشام لأيهم الريحاني.
-
لقاءات مباشرة مع المعمّرين الذين عاصروا الأحداث ورووها مثل ثلجي الخليل الربضي من عجلون، وسليم يعقوب الناصر قموه ويوسف الناصر نصر الله قموه من السلط، وإبراهيم عناب من بلدة الرميمين، وكذلك الحاج محفوظ شلوفة وسعيد حنا مسمار وكلاهما من آل الحاج من الناصرة.
وفقًا لما يذكره الباحث حنا عمَّاري في "قاموس العشائر في الأردن وفلسطين"، فإن أصول عشيرة آل قمُّوه تعود إلى قرية "قم" في شمال الأردن. انتقلت هذه العشيرة فيما بعد إلى مدينة السلط وإلى قرية الدير بالقرب من الفحيص. تشير الروايات إلى وجود صلات قرابة مع عائلات في الناصرة ونابلس، مما يعكس تشابك العلاقات العائلية عبر المناطق.
الانتشار والديانة:
يعزز كتاب "الصفوة - جوهرة الأنساب - الأردن" للمحامي طلال البطاينه الرواية بأن آل قمُّوه، أو القماقمة، يتواجدون في السلط والفحيص، ولهم أقارب في الناصرة ونابلس. يذكر الباحث عبد الحكيم الوائلي في "موسوعة قبائل العرب" أن عشيرة القماقمة في السلط هي عشيرة مسيحية تتبع المذهب الروم أرثوذكس واللاتين.
الدور الاجتماعي والثقافي
لعائلة قموه دور بارز في تشكيل النسيج الاجتماعي والثقافي في السلط. كانت ولا تزال العائلة تشتهر بكرم الضيافة والتزامها بالتقاليد والعادات الأردنية، ما جعلها رمزًا للأصالة والهوية الأردنية. كما أن للعائلة إسهامات مهمة في مجالات التعليم والفنون والأدب، مما ساهم في إثراء الثقافة المحلية.
تعتبر عائلة قموه حارسة للتراث والتقاليد الأردنية. يتجلى ذلك في احتفاظ العائلة بالعديد من العادات والفنون التقليدية التي تعبر عن الهوية الأردنية. كما تقوم العائلة بدور فعال في الحفاظ على المعالم التاريخية والثقافية في السلط، وذلك يعكس احترامهم وفخرهم بتاريخهم وتراثهم العريق. يمكن القول إن عائلة قموه من السلط ليست مجرد عائلة أردنية عادية، بل هي رمز للتاريخ والتقاليد والثقافة الأردنية. من خلال إسهاماتها المتنوعة والغنية على مر العصور، تركت العائلة بصماتها في صفحات التاريخ الأردني، وما زالت تلعب دورًا فعالًا في رسم ملامح المستقبل
المشاركة السياسية والاقتصادية
على الصعيد السياسي والاقتصادي، لعبت عائلة قموه دورًا مهمًا في السلط والأردن بشكل عام. شغل أفراد من العائلة مناصب حكومية ومحلية مختلفة، وساهموا في العديد من المشاريع الاقتصادية والتنموية. هذا التفاعل المستمر مع شؤون الدولة والمجتمع يبرز التزام العائلة بالمساهمة في تقدم وازدهار الأردن
